the silent lover

 

مرحبا بك اخى الزائر فى (منتدى العاشق الصامت ) نتمنى لم مشاركة طيبة تفيد منها وتستفيد فى موقعنا المميز ولا تنسى الاقـــــصى


[ رسائل جديدة · المشاركين · قواعد المنتدى · بحث · RSS ]
  • صفحة 1 من%
  • 1
منتدى العاشق الصامت » القسم الادبى » الفصاحة والبلاغه » موجز البلاغه 4 (بلاغه)
موجز البلاغه 4
thesilentlover1التاريخ: الأحد, 2012-04-01, 0:44 AM | رسالة # 1
القائد العام
مجموعة: المدراء
رسائل: 312
جوائز: 0
حالة: Offline

الحقيقة والمجاز
الحقيقة الكلمة المستعملة فيما وضعت له والمجاز اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة الحقيقة وإنما قلنا اللفظ دون الكلمة ليشمل هذا التعريف المجاز المفرد والمجاز المركب كما سيأتي.
وإنما قلنا المستعمل في غير المعنى الموضوعة هي له في اللغة سواء كان استعمالها في المعنى المجازي أقل من استعمالها في المعنى الحقيقي أم مساويا أو أشهر فإن المجاز قد يشتهر ويسمى بالحقيقة العرفية مثل الزكاة والتيمم. ومثل الفاعل. والقياس () وقولي لعلاقة لإخراج الغلط وإخراج المشاكلة الآتية في البديع. وقولي مع قرينة مانعة لإخراج الكناية ولبيان شرط ماهية المجاز.
والقرينة ما يفصح عن المراد لا بالوضع من كلمة نحو رأيت أسدا يرمي أو صيغة نحو قول المستنجد أين الأسود الضارُون فإن صيغة جمع العقلاء قرينة وإلا لقال الضارية. أو حال الكلام نحو لقيت أسدا والمتكلم من أهل الحاضرة.
وتقييد القرينة بالمانعة لإخراج المعينة لمعنى كقرينة أرادة أحد معاني اللفظ المشترك أو التي تعين نوع المجاز من بين أنواع يحتملها المقام فإن تلك لابد منها إذا لم يكن المراد إذهاب نفس السامع كل مذهب ممكن كما تقول هو بحر فيحتما الكرم والعلم.
والعلاقة هي الناسبة التي بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي والعلاقات كثيرة أنهاها بعضهم إلى ثمان وعشرين وأشهرها المشابهة. والسببية، والمجاورة، والبعضية.ويعبر عنها بالجزئية نسبة للجزء. والتقييد. أي أطلاق اللفظ الموضوع لمعنى مقيد على المعنى المطلق() والمئال.وأضدادها.ويمكن ردها إلى المشابهة والتلازم لأن المراد اللزوم عرفا. فالمجاز إن كانت علاقته المشابهة سمي استعارة وإن كانت علاقته غير المشابهة سمي مجازا مرسلا وقد يختلط مجاز اللزوم بالكناية. وأهم أنواع المجاز هو الاستعارة لشدة عناية بلغائهم بالتشبيه وتنافسهم فيه منذ زمن امرئ القيس ولذلك سموا ما لم يبن على المشابهة بالمرسل لأنه المطلق عن التشبيه المعتبر عندهم () .
ولنبدأ بالكلام على المجاز المفرد ثم نتبعه بالمجاز المركب أما المجاز المفرد فقد تقدم تعريفه. فالمجاز المرسل المفرد كإطلاق الأيادي على النعم في قوله * أيادي لم تمنن وإن هي جلت* وإطلاق العين على الرقيب وإطلاق اللسان على الذكر الحسن في قوله تعالى: ((واجعل لي لسان صدق في الآخرين)) ونحو ذلك وتفاصيلها غير صعبة.
والاستعارة المفردة تجري في الأسماء والأفعال والحروف فكل كلمة من هاته الأنواع إذا استعملت في غير ما وضعت له لمشابهة ما استعملت فيه لما وضعت له فهي استعارة فاستعارة الأسماء كثيرة واستعارة الأفعال والحروف نحو *فلسان حالي بالشكاية أنطق* واستعارة الحرف في نحو ((ولأصلبنكم في جذوع النخل)) وقوله ((فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً))() ولا جدوى في تسميتها تبعية() ولا يستعار الاسم العلم إلا إذا تضمن وصفا مشتهراً كحاتم بالجود وسحبان بالفصاحة.
تنقسم الاستعارة إلى مصرحة ومكنية.
فالمصرحة هي التي صرح فيها بلفظ المشبه به واستعمل في المشبه ملفوظا به أو مقداراً نحو (لدي أسد)، ونحو قول المجيب نعم لمن قال له مثلاً ((تناغي غزالاً عند باب ابن عامر؟)).
والمكنية ويقال استعارة بالكناية وهي أن يستعار لفظ المشبه به للمشبه ويحذف ذلك اللفظ المستعار ويشار إلى استعارته بذكر شيء من لوازم مسماه نحو قول أبي ذؤيب:

وإذا المنية انشبت أظفارها
ألفيت كل تميمة لا تنفع

فقد ظهر من ذكر الأظفار أن المنية شبهت بالسبع وقول أبي فراس:

فلما اشتدت الهيجاء كنا
أشد مخالباً وأحد نابا

ولا يضر بقاء لفظ المشبه في الكلام لأنه صار مذكوراً لغير قصد التشبيه بل لإكمال معنى اللازم المذكور ألا ترى أنه يجيء مضافاً إليه كما في بيت أبي ذؤيب أو يكون مذكوراً في الخبر السابق كما في بيت أبي فراس().
واعلم أن هذا اللازم الذي هو من ملائمات المشبه به في المكنية قد يكون غير صالح للاستعارة فالإتيان به إذاً لمجرد كونه من لوازم ماهية اللفظ المحذوف كالأظفار في بيت أبي ذؤيب وكقول لبيد في المعلقة:

وغداة ريح قد كشفت وقِرَّة
إذا أصبحت بيد الشَّمال زمامُها

فشبه ريح الشمال براكب أمسك بزمام فرس البرد وجعل له يداً ولا يصلح اليد لأن تكون تشبيها لشيء في معاني هذا البيت، وكذلك قوله تعالى: ((فكلوه هنيئاً مريئا)) شبه المال المأخوذ بالطعام والشراب وجعل له الهناء والمري وقد يكون هذا اللازم صالحاً للاستعارة أيضاً كما في قوله تعالى: ((الذين ينقضون عهد الله)) فإن النقض من لوازم الحبل الذي شبه به العهد ويصح مع ذلك أن يكون مستعاراً لأبطال العهد وكالأظفار في قول حسين بن الضحاك يخاطب عمرو بن مسعدة ليشفع له لدى المأمون الخليفة:

أنت يا عمرو قوتي وحياتي
ولساني وأنت ظفري ونابي

فإنه أراد تشبيه نفسه بسبع وتشبيه المخاطب بالشيء الذي به يدافع السبع عن نفسه وذلك لا يبطل دلالته على المكنية لأن مجرد إشعار اللفظ بلازم من لوازم المشبه به المكنى كاف في كونه دليلاً على المكنية().
وأما المجاز المركب فهو الكلام التام المستعمل في غير ما وضع للدلالة عليه لعلاقة مع قرينه كالمفرد.
ولا يختص بعلاقة المشابهة بل قد تكون علاقته غير المشابهة كالحبر المستعمل في التحسر لعلاقة اللزوم نحو *هواي مع الركب اليمانين مصعد* وكالإنشاء المراد به الخبر كقوله *جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط* فيسمى حينئذ مجازاً مركباً فقط، وقد تكون علاقته المشابهة فيسمى استعارة تمثيلية وتمثيلا نحو: إني أراك تقدم رجلاً وتؤخر أخرىـ شبهت حالة المتردد في الرأي بحال المتردد في المشي واستعير المركَّب الدال على التردد في المشي للدلالة على معنى التردد في الرأي، وكذا قول عبد الله ابن المعتز:

اصبر على مضض الحسو
دِ فإن صبرك قاتله

فالنار تأكل نفسها
إن لم تجد ما تأكله

فقوله فالنار تأكل إلخ مركب مستعمل في غير ما وضع للدلالة على معناه إذ هو الآن مستعمل في معنى أن الحسود يرجع وبال حسده عليه ولا يضر به إلا نفسه كالنار تأكل نفسها إذا تركت ولم يلق فيها شيء تحرقه() وكذلك قولهم انتهز الفرصة شبه هيئة المبادر للفعل بالمبادر لنوبة شرب الماء، والاستعارة التمثيلية تتفرع عن التشبيه المركب المتقدم ذكره.
هذا والبلغاء يتفننون فيأتون مع الاستعارة بما يناسب المعنى المستعار إغراقاً في الخيال فيسمى ذلك ترشيحاً نحو قول زهير:

لدي أسدشاكي السلاح مقذّف
له لبد أظفاره لم تقلم

فقوله له لبد أظفاره لم تقلم ترشيحان، وقول النابغة:

وبنو سوآءة لا محالة إنهم
آتوك غير مقلمي الأظفار

وقد يأتون مع الاستعارة بما يناسب المعنى المستعار له إغراقاً في الخيال أيضاً بدعوى أن المشبه قد اتحد بالمشبه به فصارا حقيقة واحدة حتى أن الأسد يحمل بيده سيفاً في قوله لدي أسد شاكي السلاح وحتى أن ريح الشمال تمسك بيدها زماماً في قوله ((بيد الشَّمال زمامها)) ويسمون ذلك تجريداً لأن الاستعارة جردت عن دعوى التشبيه إلى الحكم بالاتحاد والتشابه التام ويكون ذلك مع المصرحة والمكنية كما علمته في المصرحة، وأما المكنية فإن ما يذكر من لوازم المشبه به صالح أبداً ليكون ترشيحاً فكل من التجريد والترشيح إكمال للاستعارة وإغراق في الخيال ومن ثم لم يمتنع الجمع بينهما في كثير من كلامهم كما في بيت زهير المتقدم.
وهذا يحقق لكم أن كلا من الترشيح والتجريد مشتمل على مبالغة في التشبيه من جهة() وأن الترشيح والتجريد يخالفان القرينة() وأن الجريد ليس بنكول عن الاستعارة () وأن التشريح قد يكون باقياً على حقيقته إذا لم يكن لمعناه الوضعي شبيه كما في قوله ((له لبد)) وقوله تعالى ((فكلوه هنيئاً مريئاً)) إذا كان معنى فكلوه فخذوه أخذاً لا رد فيه والهنيء المري من صفات الطعام ولم يقصد هنا استعمالهما في وصف للمال كالإباحة لأن معنى الإباحة قد استفيد من الأمر في قوله كلوه لأن الأمر هنا للإباحة، وقد يكون استعارة إذا كان لمعناه شبيه يناسب التشبيه كما في قوله تعالى ((واعتصموا بحبل الله جميعاً)) فهو استعارة على استعارة وإذا كان صالحاً لذلك لم يظن بالبليغ أن يفلته، ومن النادر أن يقصد المتكلم من التجريد إبطال الاستعارة فيكون التجريد بمنزلة إخراج الخبء كقولها
استغفر الله لأمري كله قتلت ظبياً ناعماً في دله انتصف الليل ولم أصله
فإنها لما أرادت تشبيه القرآن في براعة مستمعه بالظبي في براعة المنظر نبهت على أن الظبي قرآن يصلي به، وإذا جعل الترشيح استعارة لم يبطل ترشيحه للاستعارة الأولى لأن استفادة الترشيح حاصلة من صورة لفظه().
وما يجري من الترشيح والتجريد في المجاز المفرد يجري في التمثيل فمثال التجريد فيه قوله تعالى: ((مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً)) إلى قوله ((ذهب الله بنورهم)) فإن جمع الضمير مراعاة للمشبه لا للمشبه به لأنه مفرد، ومثال ترشيح التمثيلية قوله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض)) فجملة اثاقلتم تمثيل لهيئتهم في التنصل من الخروج بهيئة الجسم الثقيل في صعوبة تنقله وقوله إلى الأرض ترشيح.

الكناية
هي ما يقابل التصريح والمراد بها هنا لفظ أريد به ملزوم معناه مع جواز إرادة المعنى اللازم وبهذا القيد الأخير خالفت المجاز المرسل الذي علاقته اللزوم() والأصل فيها أن يراد المعنى مع لازمه ويكون اللازم هو المقصود الأول فإن البدوي إذا قال ((فلان جبان الكلب ومهزول الفصيل)) أراد أن كلبه وفصيله كذلك والمقصد وصفه بالكرم فإذا شاع ذلك صح إطلاقه ولو لم يكن له كلب ولا فصيل كما إذا قيل في وصف الحضري فلان جبان الكلب.
وهي تنقسم إلى واضحة وخفية فالواضحة هي التي لا تحتاج إلى إعمال روية نحو قولهم طويل النجاد كناية عن طول القامة وقول العرب مثلك لا يفعل كذا وغيرك لا يفعل يريدون أنت لا تفعل قال تعالى: ((ويتبع غير سبيل المؤمنين)) أي لا يتبع سبيل المؤمنين، والخفية التي تحتاج لأعمال روية أما الخفاء اللزوم نحو عريض القفا كناية عن الغباوة وأما لكثرة الوسائط نحو كثير الرماد بمعنى كريم().
والكناية أبلغ من التصريح لمن كان ذكياً.

تخريج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر
اعلم أن البلغاء يتفننون في كلامهم فيأتون فيه بما لا يجري على الظاهر الشائع بين أهل البلاغة يقصدون بذلك التمليح والتحسين أو يعتمدون على نكت خفية يقتضيها الحال ولا يتفطن لها السامع لو لم يلق إليه ما يخالف ظاهر الحال().
فلا ينبغي أن يعد في خلاف مقتضى الظاهر ما كان ناشئاً عن اختلاف الدواعي والنكت مع وضوح الاختلاف كالوصل في مقام الفصل وعكسه لدفع الإيهام، ولا الإطناب في مقام الإيجاز لاستصغاء السامع، لظهور نكتة ذلك، وكذا لا يعد ما كان ناشئا عن علاقة مجازية كاستعمال الخبر في الإنشاء ولا ما كان ناشئا عن تنزيل الشيء منزلة غيره مع وضوح لأنه من المجاز كالقصر الادعائي وكعكس التشبيه، فتعين أن يوضع ذلك ونظائره في مواضعه من أبوابه وإن كان فيه رائحة من تخريج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر من حيث أن الأصل خلافه وأن الذهن لا ينصرف إليه ابتداء وإنما يعد من تخريج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر ما لم يكن ناشئا عن نكتة أصلاً وهذا لا يوصف بموافقة مقتضى الحال ولا بمخالفته، وكذا يعد منه ما كان ناشئاً عن نكتة خفية لا يتبادر للسامع إدراكها بسهولة وهذا يوصف بأنه مقتضى حال لكنه خفي غير ظاهر.
فمن الأول الالتفات وهو انتقال المتكلم من طريق التكلم أو طريق الخطاب أو طريق الغيبة إلى طريق آخر منها انتقالا غير ملتزم في الاستعمال() نحو الحمد لله رب العالمين إلى قوله ((إياك نعبد)) فإن مقتضى الظاهر أن يقول إياه نعبد وقوله ((والله الذي أرسل الرياح فتثير سحاباً فسقناه)) فإن مقتضى الظاهر أن يقال فساقه وله نكت تزيده حسناً في الكلام لها بيان في المطولات.
ومنه أيضاً الأسلوب الحكيم وهو تلقي من يخاطبك بغير ما يترقب أو سائلك بغير ما يتطلب، بأن تحمل كلام مخاطبك (بكسر الطاء) على خلاف مراده تنبيهاً على أنه الأولى له بالقصد كقول القبعثري للحجاج وقد قال له الحجاج متوعداً إياه ((لأحملنك على الأدهم)) يعني القيد فقال له القبعثري ((مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب)) فصير مراده للفرس ومنه قول..

أتت تشتكي مني مزاولة القرى
وقد رأت الاضياف ينحون منزلي

فقلت لها لما سمعت كلامها
هم الضيف جدّي في قراهم وعجل

وبأن تجيب سؤال السائل بغير ما يتطلب تنبيهاً على أنه الأولى بحاله أو المهم له كقوله تعالى: ((يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج))
ومنه القلب وهو جعل أحد أجزاء الكلام مكان الآخر لغير داع معنوي دون تعقيد ولا خطا ولا لبس() ويقصده البلغاء تزييناً للكلام فمنه ما ليس بمطرد نحو عرضت الناقة على الحوض وأدخلت الخاتم في إصبعي ومنه مطرد في الكلام كثير عندهم حتى صار أكثر من الأصل نحو قولهم ما كاد يفعل كذا يريدون كاد ما يفعل وعليه قوله تعالى: ((وما كادوا يفعلون)) وقوله ((لم يكد يراها)) ومن هذا النوع التشبيه المقلوب المذكور كله في البيان وعليه قول رؤية

ومهمه مغبرة أرجاؤه
كأن لون أرضه سماؤه

وقد ظهر أن هذا النوع كله لا حال تقتضيه ولكنه تمليح في الكلام.
ومن النوع الثاني من أنواع تخريج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر ما تقدم في باب اٌسناد من تنزيل غير السائل منزلة السائل ومنه مخاطبة الذي يفعل بالأمر بالفعل لقصد الدوام على الفعل كما في ((يا أيها الذين آمنوا آمنوا)) أو لعدم الاعتداد بفعله كما في الحديث ((صلّ فإنك لم تصل)).
ومنه التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي تنبيها على تحقيق وقوعه لأن المستقبل مشكوك في حصوله فإذا أردت أن تحققه عبرت عنه بالماضي إذ الماضي فعل قد حصل نحو قوله تعالى ((ويوم ينفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض))().
ومنه التغليب وهو إطلاق لفظ على مدلوله وغيره لمناسبة بين المدلول وغيره والداعي إليه أما الإيجاز فيغلب أخف اللفظين نحو قولهم الأبوين والعمرين لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وأما مراعاة أكثرية استعمال لفظ أو صيغة في الكلام فتغلب على اللفظ أو الصيغة المرجوحة نحو قوله تعالى: ((وكانت من القانتين))، وأما لتغليب جانب المعنى على اللفظ نحو ((بل أنتم قوم تجهلون)) ولعل هذا من الالتفات().
فن البديع
البديع هو المحسنات الزائدة في الكلام على المطابقة لمقتضى الحال وتلك المحسنات أما راجعة إلى معنى الكلام باشتمال المعنى على لطائف مفهومة تحسنه وتكسبه زيادة قبول في ذهن المخاطب.وأما راجعة إلى لفظ الكلام باشتماله على لطائف مسموعة تونقه وتوجب له بهجة في سمع السامع .
وقد مر في مقدمة هذا الموجز أن فن البديع هو أول ما أفرد بالتأليف من فنون البلاغة وأن مدونه هو عبد الله ابن المعتز العباس.
والمحسنات البديعية كثرة لا تنحصر عدا وابتكارا ويكفي المبتدئ أن يعرف مشهورها من القسمين اللفظي والمعنوي.
أما المعنوي فمنه التجريد وهو أن ينتزع من أمر ذي صفة أمر آخر مثله في تلك الذات كقولهم لي منك صديق حميم ولئن سألت فلاناً لتسألن به بحراً ومن هذا مخاطبة المرء نفسه وذلك كثير في الشعر كقول النابغة:

دعاك الهوى واستجهلتك المنازل
وكيف تصابي المرء والشيب شامل

ومنه طالع قصيدة البردة البصرية ((أمن تذكر جيران البيت))
ومنه المبالغة المقبولة وهي ادعاء بلوغ وصف في شدته أو ضعفه مبلغاً يبعد أو يستحيل وقوعه، وأصدقها ما قرن بلفظ التقريب نحو يكاد زيتها يضيء، ودونه ما علق على ما لا يقع كقول المتنبي:

عقدت سنابكها عليها عثيرا
لو تبتغي عنقاً عليه لأمكنا

وما عدا ذلك يحسن منه ما تضمن تمليحاً كقول المتنبي

كفى بجسمي نحولا أنني رجل
لولا مخاطبتي إياك لم ترني

ومن التورية وهي أن يذكر لفظ له معنيان قريب وبعيد ويراد المعنى البعيد اعتماداً على القرينة لقصد إيقاع السامع في الشك والإيهام ولم تكن معروفة في شعر العرب إلا في قول لبيد يذكر قتلاهم ويوري بأبيه ربيعة قتل يوم ذي علق

ولا من ربيع المقترين رزئته
بذي علق فاقني حياءك واصبري

وقول عنترة:

جادت عليه كل بكرة حرة
فتركن كل قرارة كالدرهم

البكر السحابة السابق مطرها والحرة الخالصة من البرد، وقد اشتهر بالإبداع في هذا النوع علي الغراب الصفاقسي المتوفى سنة 1183 كقوله:

جمعت هوى ظبي وقد كان جامعاً
لزيتونة من فوق أغصانها التوى

فيا جامع الزيتونة الفاتن الورى
تفضل بمعروف على جامع الهوى

ومنه التلميح (بتقديم اللام على الميم) وهو الإشارة في الكلام إلى قصة أو مسألة علمية أو شعر مشهور كقول أبي تمام:

فوالله ما أدري أأحلام نائم
ألمت بنا أم كان في الركب يوشع

يشير إلى القصة المذكورة في الإسرائيليات أن الشمس ردت ليوشع النبي عليه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في بعض غزواته لئلا يدخل السبت وهو بصدد فتح القرية، وقول ابن الخطيب شاعر الأندلس:

وروى النعمان عن ماء السما
كيف يروي مالك عن أنس

يشير إلى نسب النعمان ملك العرب وإلى رواية الإمام مالك عن الصحابي مسقطاً الواسطة وهو الحديث المرسل، أي أن شقايق النعمان روت عن ماء السماء بواسطة الأرض.
ومنه المشاكلة وهي أن يعمد المتكلم إلى معنى غير موجود فيقدره موجوداً من جنس معنى قابله به مقابلة الجزاء أو العوض ولو تقديراً كقوله تعالى: ((يخادعون الله وهو خادعهم)) عبر عن العقاب بالخداع لوقوعه جزاء عن الخداع وقول أبي الرقعمق().

قالوا اقترح شيئا نجد لك طبخه
قلت اطبخوا لي جبة وقميصا

عبر عن صنع الجبة والقميص بالطبخ لوقوعه عوضاً عن الطبخ، وقولي ولو تقديراً لإدخال المشاكلة التي لم يجتمع فيها لفظان ولكن معنى أحد اللفظين حاضر في الذهن فيؤتى باللفظ المناسب للفظ المقدر نحو قول أبي تمام:

من مبلغ أفناء يعرب كلهم
أني بنيت الجار قبل المنزل

ومنه تأكيد الشيء بما يشبه ضده حتى يخيل للسامع أن الكلام الأول قد انتقض فإذا تأمله وجده زاد تأكدا كقول النابغة

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم
بهن فلول من قراع الكتائب()

ومنه براعة الاستهلال وهي اشتمال أول الكلام على ما يشير إلى المقصود منه كقوله في طالع قصيدة هناء:

بشرى فقد أنجز الإقبال ما وعدا
وكوكب المجد في أفق العلا صعدا

وأما المحسنات اللفظية فمنها التجنيس ويسمى الجناس وهو تشابه اللفظين في النطق مع اختلاف المعنى وهو قديم في كلام العرب كما في المثل العربي القديم ((هذا جناي وخياره فيه، إذ كل جان يده إلى فيه)) وفي القرآن منه كثير وقول أبي تمام:

ما مات من كرم الزمان فإنه
يحيى لدى يحيى ابن عبد الله

وقول الحريري:

سم سمة تحمد آثارها
وأشكر لمن أعطى ولو سمسمة

والمكر مهمى استطعت لأتاته
لتقتني السودد والمكرمة

فإن كان التشابه في غالب حروف اللفظين فهو غير تام كقوله تعالى: ((وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا)).
ومنه القلب ويسمى الطرد والعكس وهو أن يكون الكلام إذا ابتدأته من حرفه الأخير وذهب كذلك إلى حرفه الأول يحصل منه عين ما يحصل من ابتدائه كقول القاضي أحمد الأرّجاني (نسبة إلى أَرَّجان بفتح الهمزة وتشديد الراء المفتوحة كورة من كور الأهواز ويجوز تخفيف رائها)

مودته تدوم لكل هول
وهل كل مودته تدوم

فهذا البيت إذا ابتدأته من حرفه الآخر إلى حرفه الأول كان مثل ابتدائه من حرفه الأول.
ومنها الاقتباس والتضمين فالاقتباس هو أخذ شيء من القرآن أو كلام النبوة والتضمين أخذ شيء من الشعر المشهور ومزجه مع الكلام نظما أو نثراً ولو مع اختلاف الغرضين ولو مع تغيير يسير فمن الاقتباس قول الحريري في المقامة الثانية ((فلم يكن إلا كلمح البصر أو هر أقرب حتى أنشد فأغرب))، ومن التضمين قول ضياء الدين موسى من ملهم الكاتب في هجاء الرشيد عمر الفوي وكان أصلع وأسنانه بارزة

أقول لمعشر جهلوا وغضوا
من الشيخ الرشيد وأنكروه

هو ابن جلا وطلاع الثنايا
متى يضع العمامة تعرفوه

ويجوز فيهما التغيير اليسير كما في المصراع الأخير المتقدم وكقول أبي القاسم ابن الحسن الكاتبي:

إن كنت أزمعت على هجرنا
من غير ما جُرم فصبر جميل

وإن تبدلت بنا غيرنا
فحسبنا الله ونعم الوكيل

وهذا آخر ما أردت إملاءه في علم البلاغة، وأرى فيه للقانع من هذا العلم مقنعة وبلاغة، وكان تمامه في منتهى شهر رمضان من عام ثلاثة وأربعين وثلاثمائة وألف بمرسى جرَّاح بالمرسى كتبه مؤلفه محمد الطاهر ابن عاشور


 
منتدى العاشق الصامت » القسم الادبى » الفصاحة والبلاغه » موجز البلاغه 4 (بلاغه)
  • صفحة 1 من%
  • 1
بحث:

Copyright MyCorp © 2024