thesilentlover1 | التاريخ: الأحد, 2012-05-13, 10:20 PM | رسالة # 1 |
 القائد العام
مجموعة: المدراء
رسائل: 312
حالة: Offline
|
الفلاحون
الطبقة الثالثة في شعوب أوروبا في العصور الوسطى، كانوا يعملون في الأرض لكسب لقمة العيش لأنفسهم ولرجال الدين وللسادة. العصور الوسطى
فترة من تاريخ أوروبا الغربية تقع مابين العصور القديمة والعصور الحديثة. قبل العصور الوسطى كانت أوروبا الغربية جزءًا من الإمبراطورية الرومانية. أما بعد انتهاء العصور الوسطى، فقد اشتملت أوروبا الغربية على ماعرف بالإمبراطورية الرومانية المقدسة، ومملكتي إنجلترا وفرنسا وعلى عدد من الدول الصغرى. وقد عرفت العصور الوسطى أيضًا باسم فترة القرون الوسطى . وتدعى العصور الوسطى أحيانًا خطأ باسم العصور المظلمة . انظر: العصور المظلمة .
امتدت العصور المظلمة في الفترة من حوالي القرن الخامس الميلادي إلى القرن الحادي عشر الميلادي؛ حيث كان مستوى التعليم والثقافة خلالها في غاية الانحطاط، وكانت المعلومات الوثائقية حول تاريخ هذه الفترة قليلة ومتأثرة بالخرافات والأساطير.
ويمتد تاريخ العصور الوسطى من سقوط الإمبراطورية الرومانية حتى القرن السادس عشر الميلادي. ولايعطي المؤرخون، في الوقت الحاضر، تواريخ محددة عن نهاية الإمبراطورية الرومانية؛ لأن نهايتها كانت تدريجية وخلال فترة امتدت عدة مئات من السنين. وترى هذه المقالة أن القرن الخامس الميلادي هو بمثابة بداية لتاريخ العصور الوسطى. حيث كانت الإمبراطورية الرومانية، في ذلك الوقت، ضعيفة جدًا، لدرجة أن القبائل الجرمانية كانت قادرة على فتحها. واتحد أسلوب الجرمان في الحياة مع أسلوب الرومان في الحياة، تدريجيـًا، وشكلا الحضارة التي نطلق عليها اسم حضارة العصر الوسيط .
البدايات الغزوات الجرمانية. جاءت الشعوب الجرمانية من إسكندينافيا الواقعة في أوروبا الشمالية. وبدأت هذه الشعوب تتحرك نحو وسط أوروبا في حوالي سنة 1000ق. م. وفي حوالي القرن الثالث الميلادي احتل الجرمان أقاليم في حوضي نهري الراين والدانوب على طول الحدود الشمالية والشمالية الشرقية للإمبراطورية الرومانية. وتبنّى بعض الجرمان حضارة جيرانهم الرومان. كما تاجروا مع التجار الرومان، وتعلموا زراعة الأرض، واعتنقوا النصرانية ديانة لهم.
ولكن معظم الجرمان كانوا شعبًا فظًا وجاهلاً. وأطلق عليهم الرومان اسم الهمجيون (البرابرة) (أناس غير متحضرين). وعاش الجرمان على شكل قبائل يحكم كل منها زعيم. وقامت قوانينهم القليلة على أساس العادات والخرافات القبلية. كان مظهر رجال القبيلة يتسم بالعنف، حيث كانوا ضخام الجسم ويلبسون جلود الحيوانات أو الكتان الخشن. وكانوا يقاتلون بالرماح والتروس، وكانوا محاربين شجعانـًا. عاش الجرمان، بصورة أساسية، على الصيد وعلى نمط متخلف للزراعة. وعبدوا آلهة الإسكندينافيين كأودين وثور، وكانت قلة قليلة منهم تستطيع القراءة أو الكتابة.
بدأت القبائل الجرمانية، خلال القرن الخامس الميلادي، بمهاجمة الأراضي الرومانية، حيث كانت الإمبراطورية الرومانية آنذاك قد فقدت الكثير من قوتها الكبيرة، ولم يكن بمقدور جيوشها الدفاع عن حدودها الطويلة. فقد هاجم القوط الغربيون أسبانيا، في حوالي سنة 416م. وبدأ الأنجلز والجوت والسكسون في الاستيطان في بريطانيا نحو سنة 450م. وأسس الفرانكيون (الفرنجة) مملكة لهم في بلاد الغال (فرنسا الحالية) في ثمانينيات القرن الخامس الميلادي. وهاجم القوط الشرقيون إيطاليا في سنة 489م. انظر: الأنجلز ؛ الفرانكيون ؛ القوط ؛ الجوت، قبائل ؛ السكسون .
الحياة في العصور الوسطى
قامت على تملك الأرض. وكانت الأرض يحكمها سيدٌ ذو نفوذ، ويدافع عنها الفرسان، ويزرعها الفلاحون. وكان بيت السيد (في الجانب الأيسر من الصورة) قلعة حجرية قوية بنيت لأغراض دفاعية، توفر الحماية للفلاحين. كما كانت الكنيسة مؤسسة مهمة خلال العصور الوسطى. وعندما كانت ترغب مدينة في بناء كاتدرائية جديدة يقوم سكانها في بعض الأحيان، بالمساعدة في بنائها (انظر أعلى الصورة) وكانت هذه المشروعات الجماعية تُسمى السُّخرة. أوروبا البربرية. قسمت الغزوات البربرية الإمبراطورية الرومانية الهائلة إلى ممالك متعددة، كان البرابرة لايدينون بالولاء إلا لزعماء قبائلهم أو لأسرهم. واحتفظت كل قبيلة بقوانينها وتقاليدها الخاصة. وترتب على ذلك اختفاء الحكومات الرومانية القوية، المركزية منها والمحلية.
دمّرت الغزوات البربرية أيضًا معظم التجارة الأوروبية التي كان قد وضع أساسها الرومان. قلة من الناس هي التي استخدمت تلك الشبكة العظيمة من الطرق المعبدة بالحجارة التي كانت قد شجعت التجارة والاتصالات بين المدن المزدهرة في الإمبراطورية الرومانية. ولولا التجارة لأُبطِل استخدام النقد نهائيـًا. وقد اضطر معظم الناس إلى كسب قوتهم من الزراعة.
وقسمت معظم أوروبا الغربية، في حوالي القرن التاسع الميلادي، إلى إقطاعيات كبيرة من الأرض كانت تسمّى الضياع. وحكم هذه الضياع قلة قليلة من ملاك الأرض الأثرياء، أطلق عليهم اسم ملاك الأرض أو السادة. ولكن معظم الشعب كان من الفلاحين الفقراء الذين عملوا في الأرض. وكانت كل قرية في ضيعة من الضياع تنتج كل شيء يحتاجه الناس تقريبًا. وكان يطلق على هذا النظام، في الحصول على قوت العيش مما تنتجه الأرض، اسم نظام الإقطاع الأوروبي . انظر: الإقطاع الأوروبي . الكنيسة. كانت الكنيسة القوة الحضارية الرئيسية في العصور الوسطى المبكرة في أوروبا الغربية؛ فقد قدمت القيادة للشعب. وقامت، تدريجيًا، بتنصير البرابرة. ومع أن أبناء أوروبا لم يعودوا يدينون بالولاء لحاكم واحد، إلا أنهم بدأوا تدريجيًا يتحدون تحت ظل الكنيسة. وسافر أناس، أطلق عليهم المنصرون ، مسافات كبيرة لنشر النصرانية. كما ساعد هؤلاء المنصرون على تحضير البرابرة عن طريق إدخال الأفكار الرومانية المتعلقة بالحكم والعدالة في حياتهم.
وتولّى البابوات والأساقفة، وآخرون من كبار النصارى، وظائف حكومية عديدة، بعد أن فقد الأباطرة الرومان السلطة. وجمعت الكنيسة الضرائب واحتفظت بالمحاكم التشريعية لمعاقبة المجرمين. هذا فضلاً عن أن المباني الكنسية كانت بمثابة مستشفيات للمرضى ونزل للمسافرين.
وأصبحت المؤسستان الكنسيتان ـ الكاتدرائية والدير ـ مركزين للتعليم في العصور الوسطى المبكرة. وكانت الكاتدرائيات كنائس للأساقفة، وكانت الأديرة لمجموعات من الناس، يطلق عليهم اسم الرهبان ، قد تخلوا عن الحياة الدنيا اعتقادًا بأنها الطريق لخدمة الله بالصلاة والعمل. وساعد رهبان بعض الأديرة ورجال الدين في الكاتدرائيات على استمرار القراءة والكتابة باللغة اللاتينية، وحافظوا على عدد كبير من المخطوطات القديمة النفيسة. كما أنهم قاموا بتشييد معظم المدارس في أوروبا. الإمبراطورية الكارولنجية. وحدت هذه الإمبراطورية في أواخر القرن الثامن الميلادي، معظم أوروبا الغربية تحت سلطان حاكم واحد. وكان الكارولنجيون أسرة من ملوك الفرانكيين (الفرنجة) حكمت منذ أواسط القرن الثامن الميلادي حتى سنة 987م. وكان أعظم حكام الفرنجة أهمية هم شارل مارتل وابنه ببين وشارلمان بن ببين.
وحَّد شارل مارتل مملكة الفرانكيين في أوائل القرن الثامن الميلادي، وذلك عندما استولى على أراض كانت في قبضة سادة فرانكيين أقوياء. كما وطد ببين القصير سيطرة الكارولنجيـين على المملكة الفرانكية. وفي سنة 768 م أصبح شارلمان حاكمـًا على المملكة. وفتح شارلمان معظم أوروبا الغربية، ووحد أوروبا لأول مرة منذ سقوط الإمبراطورية الرومانية.
واعتمد الحكام الفرانكيين، في إقامة إمبراطوريتهم، على مساعدة النبلاء الموالين لهم، والذين كان يطلق عليهم اسم المقطعين التابعين . وكان النبيل يصبح مقطعًا تابعًا عندما يتعهد بالولاء للملك، ويقطع وعدًا على نفسه بالقيام على خدمته. وكان الملك يصبح بالتالي سيدًا على تابعه. وقد شغل معظم الأتباع مناصب مهمة في جيش الملك، وخدموا فرسانًا . كما كان لدى عدد كبير منهم فرسانهم الذين كانوا قد تعهدوا، بدورهم، بتقديم خدماتهم إلى الملك أيضًا.
وصلت العصور الوسطى المبكرة إلى أوجها خلال العهد الطويل لشارلمان. فقد عمل شارلمان على حماية الكنيسة من أعدائها، والحفاظ على وحدة الشعب الأوروبي في ظل الكنيسة. ومع أن شارلمان لم يتعلم الكتابة إطلاقًا إلا أنه أسهم، دون شك، في تحسين التعليم. فقد أسس مدرسة في قصره، في عاصمته آخن. وحشد فيها معلمين من أنحاء أوروبا كافة. ولقد نظم هؤلاء المعلمون المدارس والمكتبات، ونسخوا المخطوطات القديمة. وقد أدت هذه النشاطات إلى ظهور اهتمام جديد بالتعليم دعي باسم النهضة الكارولنجية . انظر: شارلمان .
لم تستمر إمبراطورية شارلمان والنهضة التعليمية طويلاً بعد موته. حيث قاتل أحفاده الثلاثة بعضهم بعضـًا من أجل اللقب الإمبراطوري. وقسمت المعاهدة، التي وقعت في مدينة فردان سنة 843 م الإمبراطورية إلى ثلاثة أقسام، بحيث نال كل حفيد قسمـًا منها. وسرعان ما هاجم المسلمون والمجر والفايكنج الإمبراطورية المجزأة. وفي أواخر القرن التاسع الميلادي لم يعد للإمبراطورية الكارولنجية وجود. أوروبا الإقطاعية الدول الإقطاعية في أوروبـــــا: 1096م النظام الإقطاعي. قسمت أوروبا ثانية، بعد سقوط إمبراطورية شارلمان، إلى عدد كبير من الممالك. وكانت سلطة معظم الملوك على ممالكهم واهية. وترتب على ذلك أن مئات من المقطعين التابعين ـ الذين كانوا يحملون ألقابًا مثل: الأمير أو البارون أو الدوق أو الكونت ـ أصبحوا حكامًا مستقلين في إقطاعاتهم الخاصة. وحكم هؤلاء النبلاء إقطاعاتهم من خلال شكل من الحكم عرف بالنظام الإقطاعي.
وتمتع النبلاء الذين سيطروا على الأرض، في ظل النظام الإقطاعي، بسلطة سياسية واقتصادية وقضائية وعسكرية. وكان كل نبيل من النبلاء يجمع الضرائب والغرامات، ويقوم بدور القاضي في المنازعات القانونية، ويحتفظ بجيش من الفرسان داخل منطقته. كما أنه أشرف على زراعة الضياع في إقطاعه. وكان أصحاب الإقطاعات هؤلاء هم الطبقة الحاكمة في أوروبا لمدة تزيد على 400سنة.
كان العضو النموذجي للطبقة الحاكمة، في ظل النظام الإقطاعي هو النبيل والفارس والمقطع التابع والسيد، في آن واحد. وكان النبيل نبيلاً لأنه ولد في طبقة نبيلة. ويصبح فارسًا عندما يقرر أن يقضي حياته محاربًا محترفًا، ويضحي مقطعًا تابعًا عندما يتعهد بخدمة ملك أو شخصية مهمة أخرى مقابل الإقطاعة التي خصصت له، ويصبح في نهاية المطاف سيدًا، عندما يعطي جزءًا من الأراضي المقطعة له إلى أشخاصٍ يتعهدون بخدمته.
كان للسيد ومقطعه التابع حقوق وواجبات تجاه بعضهما بعضًا؛ فالسيد يتعهد له بالحماية والعدالة، وهو يقدم للسيد خدمات متنوعة، معظمها خدمات عسكرية. كانت الحرب الإقطاعية أمرًا شائعًا في أوروبا. إذا أدى كل من السيد والمقطع التابع واجباتهما، يعم السلام والحكم الصالح. ولكن إذا أخل أحدهما بواجباته تجاه الآخر كانت الحرب تندلع بينهما. كما حارب السادة بعضهم بعضًا؛ وذلك لأنهم كانوا يحاولون، في معظم الأحيان، الاستيلاء على أراضي بعضهم بعضًا، وكانت الكنيسة ـ التي كان لها أمراؤها وإقطاعاتها الخاصة ـ جزءًا من النظام الإقطاعي، وبالتالي فقد عانت هي أيضًا الحرب الإقطاعية. انظر: الإقطاع . الحكم الإقطاعي. انقسمت معظم أوروبا، خلال القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين، إلى دول إقطاعية. وكان يحكم كل دولة من هذه الدول سيد قوي وكأنه ملك عليها. ولم يحكم الملوك أنفسهم سوى أراضيهم الملكية الخاصة.
ففي فرنسا لم يحكم الملك سوى المنطقة التي دعيت باسم جزيرة فرنسا (إيل دو فرانس)، وهي قطاع ضيق من الأرض، كان آنذاك يقع بالقرب من باريس. أما بقية فرنسا فقد قسمت إلى دول إقطاعية، مثل أكيتين وأنجو وبريتاني وفلاندر ونورمنديا. ولم يكن في بعض الدول الإقطاعية سيدٌ يملك من القوة مايكفي ليقيم حكمًا قويًا. بينما استطاع السادة الأقوياء، في كل من آنجو والفلاندر ونورمنديا، أن يقيموا حكومات قوية. وقد احتفظ دوقات نورمنديا بسيطرة محكمة على النبلاء الذين يعيشون فيها؛ حيث لم يكن بإمكان أحد من هؤلاء النبلاء بناء قلعة أو جمع ضرائب أو القيام بتجارة منتظمة أو بإجراء محاكمات مهمة في بلاطه دون إذن من الدوق. وكان الدوق وحده الذي يستطيع أن يصدر الأمر للجيش بدخول معركة.
أصبحت إنجلترا في عهد وليم الفاتح، أقوى دولة إقطاعية في أوروبا. وكان وليم هذا دوقًا على نورمنديا، ثـم هاجم إنجلترا سنة 1066م. وبعد أن هزم جيش الأنجلو ـ سكسون أصبح ملكـًا على إنجلترا. ومن ثم أسس النظام الإقطاعي في إنجلترا بأن جعل ملاك الأراضي كافة مقطعين تابعين له. انظر: النورمندي، الغزو ؛ نورمنديا .
لقد حققت الحكومات القوية، التي قامت في الدول الإقطاعية في كل من فرنسا وإنجلترا، بعض السلم والأمن للناس. أتاح الحكم الإقطاعي القوي للحكام، في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين، إقامة حكومات مركزية قوية في كل من فرنسا وإنجلترا.
لم يوفر النظام الإقطاعي الذي قام في كل من ألمانيا أو إيطاليا حكمًا قويًا، وذلك لأن الدوقات الأقوياء قاتلوا الملوك لمئات السنين. وقد حقق أوتو الأول، وهو واحد من أقوى الملوك الجرمان، سيطرة على الدوقات الآخرين في أواسط القرن العاشر الميلادي. ومن ثم حاول إقامة إمبراطورية مشابهة لإمبراطورية شارلمان. وبعد أن فتح أوتو أراضي تقع في شرقي ألمانيا، هاجم إيطاليا. وفي سنة 962م صار البابا إمبراطورًا رومانيًا مقدسًا. ولكن ماعرف بالإمبراطورية الرومانية المقدسة كانت صغيرة وضعيفة واشتملت على ألمانيا وإيطاليا الشمالية فقط. وحاول دوقات ألمانيا، في وقت لاحق، السيطرة ثانية على ممالكهم، وبالتالي فقد كانت الإمبراطورية تنقسم بشكل متواصل بسبب الحروب الدائرة. ولم تحقق ألمانيا ولا إيطاليا وحدة لأراضيها حتى القرن التاسع عشر الميلادي. سلطة الكنيسة. أصبحت سلطة الكنيسة القوة الوحيدة الكبيرة التي ربطت أوروبا مع بعضها خلال الفترة الإقطاعية. فقد مست الكنيسة حياة كل فرد تقريبًا بأشكال عديدة ومهمة. فكانت تُعمِّد الفرد عند ولادته، وتقوم بمراسيم الزفاف عند زواجه، وتتولى مراسيم الدفن عند وفاته.
كما أصبحت الكنيسة أكبر مالك للأرض في أوروبا الغربية في العصور الوسطى؛ فقد منح عدد من السادة الإقطاعيين إقطاعات إليها مقابل خدمات يؤديها رجال الدين. وفي البداية هيمن السادة الإقطاعيون على الكنيسة، ولكن ظفرت الأخيرة، تدريجيًا، بقسط كبير من الحرية.
وعلى الرغم من أنه لم يكن لرجال الدين دور مباشر في الحروب الإقطاعية، إلا أنهم سيطروا على السادة بما كان لديهم من أنواع الأسلحة الأخرى الخاصة بهم. فكان الحرمان الكنسي (أي الطرد من الملة النصرانية) واحدًا من أعظم أسلحة الكنيسة. إذ إن طرد شخص من الملة النصرانية يعني فصله فصلاً كاملاً من الكنيسة، وحرمانه من أمل الذهاب إلى الجنة الموعود بها في نظرهم. وإذا استمر أحد السادة في التمرد بعد هذا الطرد، فإن السلطة الدينية تأمر بإغلاق كل الكنائس الموجودة في أرضه. وعندئذ لايستطيع أي إنسان يعيش في تلك الأرض، أن يتزوج أو أن يدفن بمباركة الكنيسة. كما أن أجراس الكنائس لاتقرع إطلاقًا فيها. وكان الناس ـ والحالة هذه ـ يتذمرون تذمرًا شديدًا إلى حد التمرد، الأمر الذي كان يجبر ذلك السيد، في نهاية المطاف، على الإذعان للكنيسة. حياة الناس. كانت أوروبا، خلال القرن العاشر الميلادي فقيرة ومتخلفة وقليلة السكان. ولم يكن بالإمكان زراعة نصف الأراضي، على الأقل، لكثافة الغابات والمستنقعات. أدت الحروب والأمراض والمجاعات وانخفاض نسبة المواليد إلى إبقاء السكان قليلي العدد. ولم يكن متوسط عمر الفرد سوى ثلاثين سنة. وكان السفر أو الاتصال قليلاً، وأقل من 20% من السكان هم الذين كانوا يذهبون لمسافة أبعد من 16كم عن مسقط رأسهم.
كان شعب أوروبا الغربية، في العصور الوسطى، يتألف من ثلاث فئات هي: السادة (اللوردات) الذين حكموا إقطاعات كبيرة وكان عملهم القتال. ورجال الدين الذين كانوا في خدمة الكنيسة. والفلاحون الذين كانوا يعملون في الأرض لكسب لقمة العيش لأنفسهم ولرجال الدين والسادة.
السادة. كان القتال محور حياة السيد؛ فقد اعتقد السيد أن الأسلوب الوحيد المشرِّف للحياة هو أن يكون المرء محاربًا محترفًا. وقاتل السادة وفرسانهم، وهم يلبسون الدروع الثقيلة، ويمتطون الخيول الحربية الضخمة، بالرماح أو السيوف الثقيلة.
وأصبح سلوك المقاتلين كافة محكومًا، تدريجيًا، بنظام عرف بنظام الفروسية . وكان نظام الفروسية يتطلب من الشخص الذي ينال لقب الفارس أن يخضع لفترة تدريب طويلة وشاقة. وكان يفترض في الفارس أن يكون شجاعًا في ميدان القتال، وأن يقاتل وفقًا لقواعد محددة، وأن يفي بوعوده، وأن يدافع عن الكنيسة. كما يشتمل نظام الفروسية على قواعد لحسن السلوك مع النساء. وكان السيد وفرسانه في أوقات السلم يستمتعون بالتدرب استعدادًا للحرب، حيث كانوا يشاركون في المطاعنات (بين فارس وآخر) والمبارزات (بين مجموعة من الفرسان وأخرى). انظر: الفرسان والفروسية .
كان السيد يعيش في بيته الإقطاعي أو القلعة. وكانت القلاع الأولى حصونًا بسيطة محوطة بأسيجة من جذوع الأشجار. أما الحصون التي شيدت، فيما بعد، فقد كانت ضخمة، وتم بناؤها من الحجر. وكان السيد وفرسانه يتناولون طعامهم وشرابهم ويقامرون في القاعة الرئيسية للقلعة بجانب المواقد. وكان هؤلاء جميعًا يمارسون لعبة النرد والشطرنج.
وكانت السيدة (الليدي) زوجة السيد، تتدرب على الخياطة والغزل والنسج، والإشراف على خدم المنزل، وكانت تتمتع بحقوق قليلة. وكان بإمكان السيد أن ينهي زواجه منها إذا لم تنجب له ولدًا واحدًا على الأقل. ولم يكن يرى السادة ولا السيدات أن التعليم أمرٌ ضروري، وبالتالي فإن قلة قليلة منهم كانت تستطيع القراءة والكتابة.
رجال الدين. كان معظم الأساقفة ورجال الدين، ذوي المراتب العليا، من النبلاء الذين كرَّسوا حياتهم للكنيسة. وحكموا إقطاعات كبيرة، وعاشوا كما كان يعيش النبلاء الآخرون تمامًا. وكان بعضهم في مستوى ثراء وسلطة أكبر السادة العسكريين.
كان الرهبان، الذين يعيشون في أي دير من الأديرة، مطالبين بأن يعيشوا وفقًا لقواعد ذلك الدير؛ فقد كان عليهم أن يمضوا عددًا محددًا من الساعات كل يوم في الدراسة والصلاة والقيام بجزء من المراسيم الدينية. وكان يغادر الدير بعض الرهبان، الذين كانوا من العلماء البارزين، ويصبحون مستشارين للملوك أو غيرهم من الحكام.
وعمل عدد من الفلاحين، الذين أصبحوا في سلك رجال الدين، قساوسة في القرى. وعاش قس القرية في كوخ صغير قرب كنيسته. وكان يقدم النصيحة والعون للفلاحين، ويسوِّي المنازعات فيما بينهم، ويقوم بالطقوس الكنسية. وكان القساوسة يجمعون أجور التعميد والزواج والدفن. ولكن معظم القساوسة كانوا فقراء مثل الفلاحين الذين يقومون على خدمتهم.
|
|
| |