the silent lover

 

مرحبا بك اخى الزائر فى (منتدى العاشق الصامت ) نتمنى لم مشاركة طيبة تفيد منها وتستفيد فى موقعنا المميز ولا تنسى الاقـــــصى


قائمة الموقع
فئة القسم
الشارع المصرى [0]
نهتم بكل ما يدور فى الشارع المصرى من احداث
العاشق الصامت [2]
اخر اخبار وكتابات العاشق الصامت
هل تعلم ! [13]
معلومات قيمه تستحق المعرفه
مختارات العاشق الصامت [34]
اجمل الكتابات التى راقت للعاشق الصامت
تصويتنا
قيم موقعي
مجموع الردود: 15
إحصائية

المتواجدون الآن: 1
زوار: 1
مستخدمين: 0
طريقة الدخول

الرئيسية » 2012 » مارس » 27 » الاختيار الصائب
1:16 AM
الاختيار الصائب

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

* * *


أصول وقواعد الاختيار الصّائب السَليم هي خلاصة ورشحات لتجاربنا الحياتية، فلقد اختار البعض منّا فأحسن الاختيار، فكانت تجاربه الاختيارية درساً لغيره من العُقلاء، واختار البعض فأساء الاختيار، فكانت تجاربه في الاختيار أيضاً درساً للعقلاء.
ولاشكَ أنّ الاختيار (قوّة) وأنّه (صناعة) وأنّه (حكمة) تحتاج إلى استكمال جملة من العوامل الكفيلة بأن يكون اختيارك سليماً، ومن ذلك:

1- اختيارك مسؤليّتُك:
أنتَ مُختار يعني أنّك حرّ، وأنتَ حرّ يعني أنّك مسؤول، ولذلك لا تستطيع أن تدافع عن الاختيار الآخرين لك، ولكنّك تستطيع الدِّفاع عن اختيارك، فالأوّل لا حول لك فيه ولا قوّة، وأمّا الثّاني فهو حصيلة درس وتفكير، ولذلك فإذا اخترتَ غير الصّالح وجاءت النتائج سيِّئة أو سلبيّة، فأنتَ الملوم لأنّك ستعلن عن نفسك بأنّك متعجِّل في قرارتك واختياراتك، أو أنّك لا تدرسها بعناية، ولذلك يجدر بكلِّ مختار أن يتذكر أنّه مسؤول أمام الذّوات التالية:
1- الله سبحانه وتعالى الّذي يُخاطب ملائكته ﴿وَقِفُوهُم إنّهُم مَسْؤُولُون﴾، لأن له يوماً موعوداً مشهوراً يُحاسب النّاس فيه على ما قدّموا وما أخّروا.
2- أنتَ نفسك باختبارك صاحب الاختيار المُكافَى على حسن اختياره والمُلام على سوء اختياره.
3- أمام المجتمع باعتبار انتمائك له صغيراً كان هذا المجتمع كالأسرة، أو أكبر كالمؤسّسة، أو كبيراً كالأمّة.
إنّ مسؤولية الاختيار عاصم من العواصم الّتي تقيكَ الوقوع في المُنزلق، فالّذي يشعر أنّه سيُحاسب من قِبَل نفسه (وهي أوّل ناقدٍ له) أو من قِبَل مجتمعه ومحيطه على اعتبار «كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته». ومن قِبَل الله تعالى باعتبار محكمته الكُبرى يوم الحساب، لابدّ للعشرة أو أكثر من العشرة حتّى يقدم على اختياره.

2- اختيارك قطعة من عقلك
عندما يكون الأمر كذلك في اختياري، فإنّه يتطلّب منِّي شرطين: أن أُعمل وأستعمل عقلي وحكمتي حتّى أصل إلى أفضل خيار وأنسب قرار، ثمّ استحضار حكم الآخرين عليَّ ممّن أحترم وأقدِّر وأحسب أنّ أمري يعنيهم.
ربّما يقول البعض: أنا صاحب الاختيار وأنا مَنْ يتحمّل تبعات اختياره، وهذا كما بيّنّا في قاعدة (الاختيار مسؤوليّة) صحيح، لكنّنا ثبّتنا كذلك أنّ اختياري له انعكاسات على مَنْ حولي بهذه النّسبة أو تلك، وحتّى لو لم يكن هذا شرطاً، فإنّ من أدّب الإنسان المسلم الّذي لا يرى نفسه (حيّ بن يقظان) أو (روبن هود) اللّذَين عاشا في جزيرتين منعزلتين، وإنّمت هو ابن أسرة، وابن مجتمع، وابن أُمّة، واختياراته – لا سيّما المصيريّة أو المفصليّة – شاء أم أبى ستؤثِّر بدرجة أو بأخرى على هذه الدّائرة الاجتماعية الّتي ينتمي إليها أو تلك ولو من النّاحية الاعتبارية.

3- إختيارك بنتائجه:
لا شكّ ولا جدال أنّ الاختيار الصّحيح ينتج نتائج طيِّبة على الصّعيدين الفردي والإجتماعي، لأنّه نتاج الشّعور بالمسؤوليّة وبالعقلانيّة أيضاً، والنّتائج عادةً تتبع مقدّماتها، فإذا كانت المقدّمات سليمة، جاء الاختيار سليماً، والعكس صحيح.
وقد يعترضنا هنا سؤال: لماذا نجد في تجارب بعض النّاس أنّ المقدّمات فيما أرادوا اختياره كانت صحيحة ومرضيّة لكنّ النّتائج لم تأتِ مرضيّة؟!
سنأتي – بإذن الله – إلى معوّقات الاختيار أو الأمور الّتي لم تكن في الحسبان، ولكنّنا بصفة عامّة نقول، أنّك قد تدخل في صفقة تجاريّة رائجة، ومن حيث المقدّمات فإنّها مشجِّعة، ولكن حصول ركود مفاجى في السّوق؛ بسبب بعض الهزّات غير المتوقّعة، أو نشوب أزمة ماليّة عالميّة تؤثِّر على أسواق المال والتجارة، وما شابه ذلك، تقلب الأمور رأساً على عقب، غير أنّ ذلك هو الاستثناء، أمّا القاعدة فإنّك بقدر ما تحسن استخدام أدواتك، وتدرس مقدّماتك جيِّداً، وتتوطّن للسّيِّى واحتمال الأسوأ، فإنّ النّتائج المرتّبة على اختيارك ستكون مرضية، هذا في عالم المال.
أمّا في عالم الزّواج، فقد يعترض البعض فاهماً قوله تعالى: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ) (النور/ 26)، على أنّ ذلك أمرّ إلزاميّ، وحتميّة اجتماعية لا فكاك منها، فيتساءل: لماذا إذاً نرى بعض الطّيِّبين متزوِّجون من خبيثات، أو بعض الطّيِّبات متزوِّجات من خبيثين؟!
والإجابة عن هذا السؤال أو التساؤل بسيطة جدّاً: فالمسألة هنا هي مسألة الاختيار الصّائب والمدروس بعناية، والاختيار غير الصّائب وغير المدروس بعناية، أي أنّ الآية في مقام التّنبيه إلى ضرورة الاختيار التّوافقي، أو التّجانس النّوعيّ، فالطّيِّب – كونه طيِّباً – لابدّ أن يختار لحياته امرأة طيِّبة مثله، والطّيِّبة يجب أن تختار رجلاً من جنسها في الطّيِّبة، أمّا إذا عاند أحدهما هذه الضّرورة وكسر هذا النِّظام، فالمُلام هو أو هي لأنّهما لم يُحسنا الاختيار، ولذلك تراهما يدفعان ضريبة سوء اختيارهما بكلِّ ما ينتجه من نتائج مأساويّة.

4- لا توكل اختيارك لغيرك:
لا تجعل الآخرين يقومون بالاختيار عنك، ما دمتَ حرّاً، ومسؤولاً، وصاحب عقل راجح، وإرادة كاملة، وتحترم نفسك باختيار الأفضل. ولا ينبغي الخلط بين استشارة الأخرين واستخراج الرأي معهم، وتنقيح الأفكار الّتي لديك على ضوء ملاحظاتهم، وبين إيكال الأمر إليهم كلِّيّاً.
فقد تذهب أمّك أو أختك لتخطب لك، ولكنّك في النّهاية أنتَ مَنْ يُقرِّر صلاحيّة الزّوجة كشريكة حياة لك، سواء بطلب اللِّقاء بها، أو بتعدّد مصادر السّؤال عنها، أو بذلك كلّه، ممّا يوفِّر لك شهادات اطمئنان إضافيّة إلى ما تنقله والدتك أو أختك أو الخطابة من صورة أو تقرير عن الفتاة موضوع الخطبة.
إنّ الّذين يُردِّدون في التّظاهرات كلمات أو شعارات ارتجاليّة تُخالف الخطّ العام للتّظاهرة، قد يكونون مندسِّين يحاولون الإساءة للمُتظاهرين، وقد ينساق البعض تحت تأثير العقل الجمعي والجوّ الحماسي إلى ترديد ما يُردِّدون، ولكن كَوْني فرداً في المجموع لا يعفيني من مناهضة الشّذوذ الّذي يصدر عنه أو عن متسللين إليه، فإنّما ارتضيتُ أن أكون فرداً في الجماعة لقناعتي أنّها تُمثِّلني وتحمل توجّهاتي، أمّا إذا استغلّت وجودي فيها لمآرب خاصّة، فهذا أمرّ خارجٌ على الاتِّفاق وضدّ روح الجماعة، ولابدّ من التصدِّي له حتّى لا أُعدَّ من الرّاضين على ما حصل السّاكتين على ما جرى.

5- وازِن بين الإيجابيّات والسّلبيّات:
من بين الطّرق العلميّة للإختيار السّليم، هو أن توازن بين الإيجابيّات والسّلبيّات، فإذا رجحت كفّة الإيجابيّات فهذا يعني: (أقدم)، وإذا رجحت كفّة السّلبيّات فهذا يعني: (أحجم)، خاصّة وأنّ الحياة بطبيعتها قائمة على مبدأ النِّسبيّة، فليس فيها شيء مُطلق الإيجابيّة، وليس فيها شيء مُطلق السّلبيّة، والقرآن الكريم يشير إلى هذا المعنى بقوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا) (البقرة/ 219).
وقد استدلّ الفقهاء من ذلك على أنّ كلّ عمل إثمه أكبر من نفعه فهو حرام، وكلّ عمل نفعه أكبر من إثمه فهو حلال، ممّا يتيح أو يوفِّر لك قاعدة اجتماعيّة عمليّة مهمّة في الحسم بين خياراتك المتزاحمة بعد حساب دقيق لإيجابيّات وسلبيّات كلّ منهما، والتّرجيح بينهما.

6- قدِّم في اختياراتك الأهمّ:
عندما يكون هناك تزاحم بين خيارين أو أكثر، قدِّم الأهمّ والأولى، فالمهم سيأتي وقته، وحتّى لو لم يأتِ وقته، فإنّك تكون قد أحرزتَ اختيار الأهمّ الّذي إذا فاتَ وقته فقد تلحقك خسارة كبيرة.
في مرحلة الشّباب قد يكون التّزاحم بين الزّواج وبين إكمال الدِّراسة، أو بين العمل وبين الدِّراسة، ولأنّ الدِّراسة يترتّب عليها الحصول على فرص عمل أفضل، وتحقّق لك دخلاً يمكنك من إنجاز مشروع الزّواج، فإنّ الأولويّة تكون للدِّراسة، وما لم يكن هناك من مانع اضطراريّ لترك الدّراسة والإنشغال بكسب العيش – كما يحصل في ظروف خانقة – فاللدِّراسة أولويّة، وقد يجمع بعض الشبّان بين الاثنين ولا يجد تعارضاً.
أمّا إذا كانت الظّروف المادِّيّة والعائليّة والشّخصيّة مؤهّلة للجمع بين مشروعي الدّراسة والزّواج، فلا بأسَ من أن يتزامن المشروعان، أو يسيران بخطّين متوازيين، إلّا أنّ ظروف الحياة اليوم نادراً ما تسمح بذلك.
وحينما يتزاحم عملان خيِّران، كأن تعود أمّك المريضة لتتفقّد احتياجاتها، أو أن تزور قريباً لك لم تزورهُ منذ مدّة، فإنّ الثّاني يحتمل الّتأخير، فالأوليّة للأوّل لا لأنّه لا يحتمل التّأخير فقط، بل لأنّ برّّ الوالدين مقدّمٌ على صلة الأرحام.

7- رجِّح اختيارَك السّليم بإيمانك بالقِيَم:
كلّما كنتَ مؤمناً بالقِيَم الأخلاقيّة أكثر، رجِّح اختيارك الأفضل، لانّك حينئذٍ توازن بين ما تتطلّبه القيمة وبين ما يفرضه الواقع، أو تمليه النّفس، أو ما يضغط الآخرون به عليك، فإذا اندفعتَ نحو اختيارك بدافع القيمة، فإنّك تكون قد اخترتَ الأحسن والأصلح.
فعلى سبيل المثال، عندما يتنازعك شعوران: شعور بضرورة الإنفاق على المحتاج والإحسان إلى الفقير أو المسكين، وبين البُخل بمالك، لا يحلّ إشكاليّة النِّزاع إلّا وعيك للقيمة في أنّ القليل الفاني لا يرجح على الكثير الباقي، وأنّ رضا الله أعظم من رضا نفسك، وأنّ الرّحمة بالمسكين تستجلب الرّحمة لك من الله، وأنّ المال مال الله إن شاء أتلفه لأبسط سبب، فلماذا لا أدّخره في الرّصيد الّذي يزيد ولا يبيد، وهكذا.
إنّ استحضار قيمة القِيَم وتفعيلها وتفاعلها في النّفس والإحتكام إليها، يقضي بين الشّعورين المُتنازعين أو الخيارين المُتضادين بحسمها لصالح الإختيار السّليم.

8- أثبت على اختيارك ولا تلقِ بالاً لسخرية الآخرين:
لو أنّ نوحاً (ع) كان قد اعتنى بسخرية قومه من بنائه السّفينة، وعطّل المشروع بناءً على ذلك، ثمّ جاء الطّوفان، فماذا كان يمكن أن تكون النّتيجة؟
إنّ الّذين يُقلِّلون من قيمتك أو قيمة اختياراتك موجودون دائماً وعلى طول الطّريق، فإذا لم تكن كالحصان الملجّم تنظر إلى الأمام وباتجاه خيارك، أتاك الطّوفان حتّى لو كنتَ على جبل.
إنّهم يهزأون ويسخرون بك وبما أنتَ مُقدِم عليه: حسداً من عند أنفسهم، أو جهلاً بقيمة ما اخترت، أو لعجزهم أن يصلوا إلى مستوى اختيارك، أو لأنّ اختيارك يُعاكس اختيارتهم.
والفرق بين شخص يهتزّ لسخرية واستهزاء واستخفاف الآخرين فيهمل اختياره أو يصرف النّظر عنه، أو تقلّ قيمته في نفسه، وبين آخر مُقتنع تمام الاقتناع بما اختار، هو أنّ الأوّل يرى أنّ سخرية الآخرين حقّ – وهي ليست بحقّ – فيما يراها الثاّني واقعة ضمن واحد أو أكثر من الأسباب الأربعة الّتي ذكرنا، فلا يهتمّ لسخرية السّاخرين، ولا يأبه باستخفاف المستخفِّين، حتّى إذا جاء الطّوفان وقد انتهى من بناء السّفينة، فإنّ السّاخرين سيكونون من المسخورين.
9- إسْتَشِر لترشيد اختيارك:
لا تناقض ولا تعارض بين دراستك لاختيارك وبين استشارة العُقلاء وأصحاب الخبرة والتّجربة فيما هو مطروح عليك من خيارات، فحتّى لو وصلتَ إلى قناعة كبيرة في أنّ الاختيار هو (س)، ثمّ استشرتَ ذوي الرّأي وأشاروا عليك به، فإنّك تزداد بذلك قناعة ويطمئنّ قلبك وتُقدِّمه راشداً مهديّاً.
وكما قلنا فيما سبق، فإنّ الاستعانة بالصّديق أو طلب المُساعدة منه ليس في برامج المُسابقات فقط، بل في الحياة العلميّة أيضاً، لحلِّ التّزاحم بين الخيارات، أي أنّه أسلوب يستخدمه العُقلاء حيثما شعروا بتساوي كفّتي الخيارين، وشعار كلّ منهم:"ما خابَ من اسْتَشار". ولذلك خُذْ قسطك الكافي من السّؤال والمشورة، واركن إلى مَنْ تثقُ بهم لتنضيج وترشيد اختيارك حتّى يأتي سليماً.

10- إخْتَرْ ما يمكنك أن تُبدعَ فيه:
إنّ الّذين يختارون الأشياء الّتي يستمتعون بها، وتشعرهم بالرّضاء النّفسي، واحترام الذّات، ولا تخاف قيمهم وتعاليمهم الدِّينية، والّذين ملتزمون خطّاً فكريّاً معيّناً، يسكبون عليه من أرواحهم، هم المُبدعون حقّاً.
فإذا أحببتَ مهنة أو اختصاصاً ما، واخترته، وتمخّضتَ فيه، وأعطيته من وقتك وفكرك وقلبك، أعطاك زمامه، فإذا أنتَ تتفنّن في الإنجازات الّتي تحصل على يديك، لأنّك اخترتَ ما تعشق وتتفاعل معه وتخلص له حُبّك، فيُبادلك حُبّاً بحبٍّ وعطاءً بعطاء.
إنّك قد تستمع من بعض المُبدعين الكلمة المأثورة التّالية: أنا أجد نفسي في هذا.. في التّجارة أو الرّسم، أو الشِّعر، أو صناعة التّحف الفنِّية، أو في التّعليم، أو في الكتابة، أو في خدمة النّاس، وما إلى ذلك. وكلمة (أجد نفسي) تعبير مكثّف عن أنّ المُتحدِّث قد حسم خياراته فكان اختياره السّليم هو ما يُمارسه من حرفة أو هواية أو اختصاص. وقد ينجح أحدنا في غير حقل اختصاصه أو مجال اهتمامه، ولكن ذلك الاستثناء.

11- الحياة لا تعطيك كلّ ما تطلب.. غيِّر وحوِّر اختياراتك أحياناً:
عندما تطلب من الحاسوب (الكومبيوتر) معلومات في بحثٍ ما على (الانترنت)، فإنّه قد يتعذّر إليك بأدب بأنّ الموضوع المُراد بحثه، بصيغة العنوان المطروح، غير موجود، ولكنّك يمكن أن تُحوِّر الطّلب أو تُصيغه بعبارات أخرى لتظفر بمطلوبك.
في ميدان الحياة، الأمر ذاته، فقد تطلب شيئاً باعتباره خيارك الأفضل، وتحول دون تحقيقه موانع وعوائق تجعل منه مستحيل التحقيق، فإذا بقيتَ مُصِرّاً عليه، وبقيت العقبات رازحة في طريق تنفيذه أو بلوغه، فقد تُضيِّع وقتاً ثميناً، أمّا إذا خفّفتَ من شروطك وتنازلتَ قليلاً، فإنّك يمكن أن تنال مرادك ولو بمواصفات أدنى.
قيل لرجل كان قد وضع أربعين شرطاً أو صفةً للّتي تُريد أن تكون زوجةً أو شريكةً لحياته، وكان في كلِّ عامٍ يتنازل عن بعض تلك الشّروط، إلى أن تقدّم به العُمر ولم يجد المرأة المناسبة بالمواصفات والشّروط الّتي وضعها.
قيل له بعد أن تجاوز الأربعين من العمر، ما تقول الآن؟
قال: كان لي فيما مضى أربعون شرطاً، أمّا الآن فلي شرط واحد فقط، وهو أن تقبل بي أيّة امرأة!!
إنّ الّذي يتمنّى أن يتزّوج ابنة السّلطان وإلّا بقي أعزباً، قد تتزوّج ابنة السّلطان ويبقى هو أعزباً، أمّا الّذين يغرونه بأنّه سيتزوّجها وأن هناك شيء مستحيل، فمخادعون، قد تزوّجوا بحسب إمكاناتهم المُتاحة وراحوا يضحكون عليه؛ لأنّ سقف مطالبه أعلى من رأسه!
من هنا، فإنّ طرح (البديل) أو (البدائل) الممكنة هو اختيار أيضاً، وهو تعبير عن موضوعيّة المختار وعقلانيّته.

12- رحم الله امرءاً قدرَ نفسه، وعرفَ حدّه فوقفَ عنده، فقد يرتفع سقف المطالب الذّاتيّة إلى ما فوق الاستحقاق وخلاف الحقّ والشّريعة، إمّا بتزيين الشّيطان، أو الإعجاب المُفرط بالذّات، أو بإغراء الآخرين، أو بالإنبهار بالدّعاية والإعلان.
فكثيراً ما يتعرّض الشّاب الأعزب إلى مقولة مُغرضة ودنيئة وشيطانيّة أيضاً من قبيل: استمتع بشبابك.. قبل أن تتزّوج وتنكسر رقبتك، إعطِ شبابك حقّه.. تنقّل بين أحضان النِّساء واغترف ما شئتَ من اللّذّات من قبل أن تلقي برحالك عند المرأة الأخيرة.. وما شاكل ذلك.
إنّ الإستجابة إلى هذا اللّون من الإغراء المسفّه، أو لأيِّ إغراء آخر بالتّدخين أو لعب القمار أو الحصول على المال بطرق غير مشروعة، هو إغراء شيطانيّ، يلقيه الشّيطان في داخلك، أو على ألسنة أصدقاء السّوء ليوقعوك في الشِّباك، فإذا أردتَ الخروج تعذّر عليك ولم يجد فيهم مَنْ يُسعفوك لأنّهم هم أيضاّ قد التفّت الشِّباك عليهم، فلا مخرج. يقول الشاعر:
دخولُ المرءِ في الشّبكاتِ سهلٌ
ولكنّ المصيبةَ في الخروج
كما أنّ الفتاة الّتي تغريها صويحباتها في أن تفعل ما يشينها بذرائع شتّى كتلك الّتي يواجهها الشّباب أو ما يشابهها، قد تعاني من ضغوط نفسيّة متصارعة، وقد يُقال لها: كلّنا يفعل ذلك، فلماذا تعزلين نفسك أو تحرمينها من التمتّع بالملذّات، أو تعيشين العقدة.. سرِّي عن نفسك وعن شبابك؟!
إنّ الإجابة بـ: حتّى لو فعل الجميعُ ذلك فأنا لا أفعله، قد يكون خفيفاً على اللِّسان ثقيلاً في الموقف، لكنّه المخرج الوحيد من شرنقة الحرير الّتي تحيكها صديقات السّوء لتتحوّل من (خيوط حرير) في أوّل الوقت إلى (قيود حديد) في وقتٍ لاحق.
ألم تسمعوا قول الله تعالى لكلِّ المعترِّضين إلى أمثال هذه الضّغوط من أجل استدراجهم نحو الحرام:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) (المائدة/ 105).
قيل لشابٍّ اعتزل جماعة من الشّبّان كانوا يقترفون الفواحش من زنا وشرب خمر: (إنّكَ معقّد)!!
فقال: إذا كان الامتناع عمّا حرّم الله تعالى (عقدة) فأنا من أكبر المُعقّدين!!
وحاصرت امرأة فاسقة شابّاً متديِّناً ليرتكب معها الفاحشة، قائلة له: لقد رأيتك في المنام وأنت نائمٌ معي!
فقال لها: تلك أضغاث أحلام، وتركها ذليلة ومضى!
ولذلك (لنتعلّم) ونقول لنتعلّم لأنّ المسألة تحتاج إلى تعلّم وتدريب وثبات، لنتعلّم كيف نقول (لا) للخيارات السّيِّئة والمهينة والمشينة، فالرّفض والممانعة اختيار أيضاً.. هو اختيار (الأبطال) و(الشّجعان) و(الأقوياء) وأصحاب الإرادات القويّة.
أنتَ في شهر رمضان تقول (لا) للحلال، فما أقدرك على أن تقولها لـ (الحرام)! نعم، نحن معك.. أصحاب الإرادات القويّة قليلون.. الّذين لا يضرّهم مَنْ ضلّ إذا اهتدوا قليلون.. الّذين هم مع الصّادقين قليلون.. لكنّهم القلّة النّوعيّة.. وإلّا مَنْ قال لك إنّ (الذّهب) كثير، وإنّ (الماس) كثير، لنتعلّم أن نكون من (النّدرة الفاخرة) لا الكثرة الّتي هي (غثاء السّيل).
في الأمثال: "كن الواحد في المليون لا واحداً من المليون"!
13- أهونُ الشّرّين:
إذا كنتَ في حرِّيّة من الإختيار، فرفض الخيار السِّيىء هو الموقف، وإذا خُيِّرتَ بين سيِّئين، ولم يكن أمامك إلّا أن تختار، أي كنت مُرغماً على الاختيار بحيث تأخذ بأحدهما وإلّا قُتِلْت، أو طُرِدْتَ من عملك، أو حُرِمتَ من فرصة ثمينة، فاختر أهون الشّرّين، هذا إذا اعتبرنا اختيار (الكرامة) شرّاً، وهو بالتأكيد ليس بشرّ.
لقد عاشَ الشّاب المسلم (عمّار بين ياسر) في صراع بين خيارين: أن يتحمّل العذاب الأليم من قريش، أو ينطلق بكلمة الكفر، فاختار الثّانية ليحفظ حياته طالما أنّ قلبه مطمئنّ بالإيمان.
لقد كان خياراً مؤرقاً بالنِّسبة لشابٍّ مؤمنٍ كعمّار، ولكنّه حينما أخبر النّبيّّ (ص) بما فعله، وسأله كيف يجد قلبه، فأخبرهُ أنّ قلبه عامر بالإيمان، قال له:"إن عادوا فَعُدْ"!
ورُويَ أنّ (مسيلمة الكذّاب) أجبر رجلين من المسلمين على الإقرار بنبوّته وهدّد المُعْرِض بالقتل، فأقرّ له أحدهما بالنّبوّة فسلم من القتل، وأنكرها الآخر فقُتِل، فلمّا بلغ ذلك رسول الله (ص)، قال:" أمّا المقتول فمضي على يقينه، فهنيئاً له"، أي أنّه تعجّل الشّهادة، "وأمّا الآخر، فقد قبل رخصة الله، فلا تبعة عليه"، أي أنّه حقن دمه.
وفي بعض دول الإستبداد، كانت مسرحيّة الإنتخابات لذرِّ الرّماد في العيون، وكانت مخابرات الدّولة تُتابع وتُراقب المصوِّتين وتجبرهم على ذلك، فلم يجد بعض المصوِّتين مهرباً من المأزق إلّا أن يختار أقلّ المرشّحين حظوظاً ليعطيه صوته، ليعفي نفسه من مسؤولية صعود الفاسدين والمفسدين.
14- خيار الانسحاب – في بعض المواقف – إيجابيّ:
إنّ الشّابّ الّذي اعتزل جماعته المنحرفين – في المثال الّذي مرّ بنا قبل قليل – اختار الإنسحاب، وكان خياراً موفّقاً، وقد اعتزل الفتية أصحاب الكهف قومهم الّذين كانوا يعبدون الأصنام، وكان خياراً سليماً أعانهم الله تعالى عليه.
وفي عالم السِّياسة قد يعترّض العامل فيها إلى المهانة والإضرار بسمعته أو بدينه إن بقيَ ضمن المؤسّسة الّتي يعمل فيها، فيختار الإنسحاب ليحفظ لمبدأه نصاعته.
ولعلّك شاهدت كيف يخرج بعض السِّياسيِّين من قاعات الاجتماع والمؤتمرات التي يُساء فيها إلى بلده ولا يجد إمكانيّة الرّدّ إلّا بالإنسحاب من الجلسة لإشعار المتحدِّث والحاضرين برفضه للإهانة.
والقرآن الكريم يعتبر قرار أو خيار الإنسحاب من المجالس المُريبة والمُسيئة والبذيئة خياراً إيجابيّاً، بل ويُمثِّل موقفاً. يقول تعالى:
(وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (الأنعام/ 68).
وبحسب ثقافتنا وتربيتنا الإسلامية، فإنّنا إذا لم ننسحب من المجالس المهينة والمُحرّمة، فإنّنا سنكون مشمولين بالعقوبة الّتي تشمل المُسيئين في ذلك المجلس حتّى ولو كنّا صالحين، لأنّ بقاءنا يمثل حالة أو علامة رضا، وطالما أنّ خيار الإنسحاب والمُقاطعة بأيدينا، فلماذا العقود؟!
15- إطرح على نفسك الأسئلة الجادّة:
إذا تعرّضتَ إلى ضغوطات الخيار السّيِّى، كُنْ صارماً في طرح الأسئلة الجدِّيّة على نفسك، واصدق في الإجابة ما استطعت.. إليك بعض تلك الأسئلة.
أ- ماذا يقول لي عقلي وضميري عن هذا العمل؟
ب- هل هذا العمل من العدل أم الظّلم؟
ت- هل هذا العمل يخلّ بسُمعتي ويُسيء إلى كرامتي؟
ث- ما هو شعوري لو فعله شخص آخر معي؟
ج- ماذا يقول العُقلاء الّذين أحترمهم لو رأوني أفعله؟
ح- ماذا يقول النّبيّ (ص) – أسوتي الحسنة – لو رآني أعمله.
خ- ماذا يقول الله الّذي يراني أفعل ذلك ويسألني عنه؟

المصدر : موقع البلاغ
الفئة: مختارات العاشق الصامت | مشاهده: 462 | أضاف: thesilentlover1 | الترتيب: 0.0/0
مجموع المقالات: 0
الاسم *:
Email *:
كود *:
Copyright MyCorp © 2025